عدم دستورية قصر الاعتداد فى إثبات فسخ العلاقة الزوجية لدى الإنكار على الإشهادوالتوثيق
” الأفعال”
بتاريخ عشرة شهر مايو سنة 2004 ، ورد إلىقلم كتاب المحكمة ملف الدعوى عدد 1299 لعام 2003 شرعى كلى شبين الكوم، بعدما حكمت محكمة شبين الكوم الإجمالية للأحوال الشخصية نفس، بوقفها وإحالة الأوراق إلى المحكمةالدستورية العليا للفصل فى دستورية مقال المادة (21) من تشريع تجهيز بعض أحوال وتدابير التقاضى فى مسائل الأوضاع الشخصية الصادر بالقانون عدد 1 لعام ألفين. وقدمتهيئة قضايا الجمهورية مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى. وبعد استعداد الدعوى، أودعتهيئة المفوضين تقريراً برأيها. ونظرت الدعوى على الوجه الموضح بمحضر الجلسة، وقررتالمحكمة إنتاج الحكم فيها بجلسة اليوم. ” المحكمة ” حتى الآن الاطلاع على الأوراق،والمداولة. حيث إن الأحداث – على مايبين من حكم الإسناد وسائر الأوراق – تتحصل فىأن المدعية كانت قد أقامت الدعوى عدد 1299 لعام 2003 شرعى كلى في مواجهة محكمة شبينالكوم الإجمالية للأحوال الشخصية نفس، بطلب الحكم بإثبات إنفصالها بالطلاق من المتهم طلاقاًبائناً بينونة كبرى المكمل للثلاث طلقات بداية من شهر أيار سنة 2003، قولاً منهابأنها تزوجت من المتهم بالعقد السليم بتاريخ 15/12/1971، ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج وأنجب منها ذكوراً وإناثاً، وأنه إعتاد على إنفصالها بالطلاق وإعادة النظر فيها من نفسهدون تقرير فسخ العلاقة الزوجية على الرغم وقوعه شرعاً، حتّى وقف على قدميه فى غضون شهر أيار سنة 2003 بطلاقهاالطلقة الثالثة، التى يوم غد بها إنفصالها بالطلاق منه بائناً بينونة كبرى، وقد اعترف بهذا أمامشهود عدول، وأفتت دار الإفتاء المصرية فى مواجهته بأن المدعية صارت محرمة عليهشرعاً لطلاقها المكمل لثلاث، بحيث لاتحل له لكن تنكح زوجاً غيره، دون أن تكون هنالك فتوى مكتوبة، ونتيجة لهذا انتقلت المدعية للإقامة مع ذويها، إلا أن المدعىعليه رفض تقرير فسخ العلاقة الزوجية، الأمر الذي حدا بها إلى معيشة دعواها المنوه عنها توصلاً للقضاءلها بطلباتها المتطورة. وخلال نظر الدعوى أصدرت قرار المحكمة ضم الدعوى عدد 1449 لعام 2003 شرعى كلى شبين الكوم – المقامة من المدعية مقابل المتهم للاعتراض على إنذارالطاعة الموجه منه لها- إلى تلك الدعوى للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 31/3/2004 حكمت المحكمة بإيقاف الدعوى عدد 1299 لعام 2003 شرعى كلى شبين الكوموإحالتها إلى كرسي القضاء الدستوري العليا للفصل فى دستورية مقال المادة (21) من القانونرقم 1 لعام ألفين لما تراءى لها من مخالفته للمادتين (2، 12) من القانون الأساسي، وفى الدعوىرقم 1449 لعام 2003 شرعى كلى شبين الكوم بإيقاف الاعتراض وقفاً تعليقياً لحين الفصل في مسألة الدعوى عدد 1299 لعام 2003 شرعى كلى شبين الكوم بإثبات طلاق المعترضة بحكمنهائى. وحيث إن المادة (21) من التشريع عدد 1 لعام ألفين المنوه عنه منصوص بها على أن “لايعتد فى إثبات فسخ العلاقة الزوجية لدى الإنكار سوى بالإشهاد والتوثيق، وعند دعوة الإشهاد عليه وتوثيقه يتعهد الموثق بتبصير الزوجين بمخاطر فسخ العلاقة الزوجية، ويدعوهما إلى اختيار حكم منأهله وحكم من أهلها للتوفيق بينهما، فإن أصر الزوجان سوياً على إيقاع فسخ العلاقة الزوجية لحظياً،أو قررا سوياً أن فسخ العلاقة الزوجية قد حدث، أو قرر القرين أنه أوقع فسخ العلاقة الزوجية، وجب تقرير فسخ العلاقة الزوجية حتى الآن الإشهاد عليه. وتطبق جميع القرارات الماضية فيما يتعلق دعوة القرينة تطليق ذاتها إذاكانت قد احتفظت لنفسها بالحق فى هذا فى وثيقة الزواج. ويجب على الموثق إثبات ماتممن ممارسات فى تاريخ سقوط كل منها على العبرة المعد لهذا، ولايعتد فى إثبات فسخ العلاقة الزوجية فى حق أى من الزوجين سوى لو كان حاضراً أفعال التوثيق بنفسه أو بمن ينوب عنه، أومن تاريخ إعلانه بمقتضى ورقة حكومية”. وحيث إن المسائل الدستورية التى تقضى محكمةالموضوع بإحالتها على الفور إلى كرسي القضاء الدستوري العليا عملاً بالبند (أ) من المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون عدد 48 لعام 1979، لازمها أن تبين المقالات القانونية التى تقدر مخالفتها للقانون الأساسي، ونصوص القانون الأساسي المدعى بمخالفتها، ونطاقالتعارض بينهما، وأن يكون قضاؤها ذلك دالاً على انعقاد إرادتها على عرض المسائلالدستورية التى ارتأتها على الفور على كرسي القضاء الدستوري العليا استنهاضاً لولايتها بالفصل فيها، وهو مايتعين على تلك المحكمة تحرية فى ضوء ماقصدت إليه محكمة الموضوعوضمنته قضاؤها بالإحالة، وصولاً لتحديد مدى المسائل الدستورية التى تدعى المحكمة للفصل فيها. وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون هنالك ارتباط بينها وبين المصلحة الفهرس فى الدعوى الموضوعية، وذلكبأن يكون الفصل فى المسائل الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المتعلقة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. وحيث إن الثابت من الاطلاع على الأوراق، أن نطاقالإحالة مثلما قصدت إليه محكمة الموضوع، وضمنته عوامل حكمها بالإحالة، إنما ينصب علىماتضمنه مقال المادة (21) المطعون فيه من قصر الاعتداد فى إثبات فسخ العلاقة الزوجية لدى الإنكارعلى الإشهاد والتوثيق دون غيره من أساليب الإثبات المقررة، وهو الشق من المقال الطعينالذى تتحقق المصلحة الشخصية المباشرة فيما يتعلق له، بحسبان أن عقار الكفاح الموضوعىهو إلتماس الحكم بإثبات فسخ العلاقة الزوجية لامتناع المتهم المطلق عن إثباته طبقاً للنص المنوه عنه، وأن القضاء فى نطاق دستورية ذلك المقال سوف يكون له أثره وانعكاسه على الطلبالموضوعى سالف الذكر، وقضاء محكمة الموضوع فيه، وبذلك فإن مدى الدعوى الراهنة والمصلحة فيها تكون لائحة فيما يتعلق للنص المشار إليه فى حواجز إطاره المتطور، ولاتمتد إلىغير هذا من القرارات التى وردت بنص المادة (21) المطعون فيه. وحيث إن حكم الإحالةينعى على ذلك المقال الطعين، معيناً نطاقاً على النحو المتطور، مخالفته لنص المادتين (2، 12) من القانون الأساسي، على سند من أن ذلك المقال بقصره إثبات فسخ العلاقة الزوجية لدى الإنكار علىالإشهاد والتوثيق، خلافاً للمنشأ المقرر شرعاً من جواز إثبات فسخ العلاقة الزوجية بكافة طرقالإثبات من بينة وإقرار ويمين، يترتب عليه نتائج يأباها الشرع ويتأذى لها الحس الأخلاقى ،وهذا إذا ما حدث فسخ العلاقة الزوجية بالتلفظ بألفاظه الدالة عليه صراحة أو ضمناً، على الرغم عدم إمكانإثباته بغير الدليل الذى حدده المقال الطعين، بما مؤداه اعتبار الرابطة الزوجية قائمةومستمرة قانوناً، على الرغم مايشوبها من تحريم مشروعية، وهو مايخالف أحكام القانون الأساسي. وحيث إن المقرر فى قضاء تلك المحكمة أن حكم المادة الثانية من القانون الأساسي – عقب تطويرها فى 22من أيار سنة 1980 – يدل حتّى القانون الأساسي أوردها ليفرض بمقتضاها – واعتباراً من تاريخ الشغل بذلك التحديث – قيداً على السلطة التشريعية يلزمها بينما تقره من النصوصالقانونية، بألا تناقض أحكامها مبادئ الشريعة الإسلامية فى أصولها الثابتة – مصدراًوتأويلاً – والتى يمتنع الاجتهاد فيها، ولايجوز الذهاب للخارج عليها، أو الاعوجاج بها عن معناها، ولاكذلك القرارات الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما سوياً، هذا أن دائرة الاجتهاد تنحصر فيها ولاتمتد لسواها، وهى بطبيعتها متقدمة تتغير بتغيرالزمان والمكان لضمان مرونتها وحيويتها. ولو كان الاجتهاد فى القرارات الظنيةوربطها بمصالح الناس من خلال الدلائل الشرعية – النقلية منها والعقلية – حقاً لأهل الاجتهاد، فأولى أن يكون ذلك الحق مقرراً لولى الشأن ينظر فى كل موضوع بشأنها بما يناسبها، وبمراعاة أن يكون الاجتهاد دوماً واقعاً فى محيط المصادر الإجمالية للشريعةلايجاوزها، ملتزماً ضوابطها الثابتة، متحرياً مناهج الاستدلال على القرارات العمليةوالقواعد الضابطة لفروعها، كافلاً صون الغايات الإجمالية للشريعة، بما تقوم عليه منحفاظ على الدين والنفس والذهن والعرض والمال، مستلهماً فى هذا كله حقيقة أن المصالحالمعتبرة هى هذه التى تكون مناسبة لمقاصد الشريعة ومتلاقية معها، وبالتالي كان حقاًعلى ولى الشأن لدى الخيار بين أمرين اهتمام أيسرهما مالم يكن إثماً، وقد كان واجباًأيضاً ألا يشرع حكماً يضيق على الناس أو يرهقهم فى أمرهم عسراً، وإلا كان مصادماً لقوله تعالى “مايريد الله ليجعل عليكم فى الدين من حرج”. وحيث إن فسخ العلاقة الزوجية وقد شرع رحمة من الله بعباده، وقد كان فسخ العلاقة الزوجية هو من فرق النكاح التى ينحل الزواج السليم بهابلفظ مخصوص صريحاً كان أم كناية، ولذلك حرص المشرع فى التشريع عدد 25 لعام 1929الخاص ببعض أحكام الظروف الشخصية وتعديلاته – استناداً لما أعلنت عنه المذكرةالإيضاحية للقانون عدد مائة لعام 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الظروف الشخصية – على عدم وضع قيد على جواز إثبات فسخ العلاقة الزوجية قضاء بكافة أساليب الإثبات المقررة، ولكن المشرع قد إنتهج فى المقال الطعين نهجاً مغايراً فى خصوص إثبات فسخ العلاقة الزوجية لدى الإنكار،فلم يعتد فى ذلك الميدان بغير سبيل واحد هو الإشهاد والتوثيق سوياً، بحيث لايجوز الإثبات بدليل آخر، مع تسليم المشرع فى ذات الزمان – مثلما أتى بالمذكرة الإيضاحيةللقانون عدد 1 لعام ألفين المنوه عنه – بحدوث فسخ العلاقة الزوجية ديانة، وذلك المقال وإن حدث فىدائرة الاجتهاد المباح شرعاً لولى الشأن، سوى أنه – فى حواجز نطاقه المطروح فى الدعوى الماثلة – يجعل المطلقة فى حرج دينى حاد، ويرهقها من أمرها عسراً، إذا ماوقع فسخ العلاقة الزوجية وعلمت به وأنكره المطلق، أو امتنع عن إثباته إضراراً بها، مع عدم استطاعتها إثبات فسخ العلاقة الزوجية بالطريق الذى أوجبه المقال المطعون فيه، وهو مايتصادم معضوابط الاجتهاد، والغايات الإجمالية للشريعة الإسلامية، فضلاً عما يترتب على هذا منتعرض المطلقة لأخطر القيود على حريتها الشخصية وأكثرها تهديداً ومساساً بحقها فى الحياة، التى تعتبر الحرية الشخصية أصلاً يهيمن عليها بجميع أقطارها، هذه الحرية التىحرص القانون الأساسي على المقال فى المادة (41) منه على أساس أنها من الحقوق الطبيعية التى لايجوزالإخلال بها أو تقييدها بالمخالفة لأحكامه، والتى يندرج تحتها بالضرورة هذه الحقوق التى لاتكتمل الحرية الشخصية فى غيبتها، ومن ضمنها حقى الزواج والطلاق وما يتفرععنهما، وكلاهما من الحقوق الشخصية التى لاتتجاهل القيم الدينية أو الخلقية أو تقوض روابطها، ولاتعمل بعيداً أو انعزالاً عن التقاليد التى تؤمن بها الجماعة، بل تعززهاوتزكيها بما يصون حدودها ويرعى مقوماتها، وبسبب هذا جعل القانون الأساسي فى المادة (9/1) منه قوام العائلة الدين والأخلاق، مثلما جعل إستظهار الأخلاق والقيم والتقاليد والحفاظ عليها والترسيخ لها، التزاماً دستورياً على عاتق الجمهورية بسلطاتها المتنوعة والمجتمعككل، ضمنه المادتين (9/2 ، 12) من القانون الأساسي، والذى يوم غد بجوار الحرية الشخصيةقيداً على السلطة التشريعية فلا يجوز لها أن تأتى عملاً يخل بهما، هذا أنه وإن كانالأصل فى سلطة المشرع فى مسألة تجهيز الحقوق أنها سلطة تقديرية، لكن المشرع يتعهد بما يسنه من قوانين بتبجيل الأُطر الدستورية لممارسته لاختصاصاته، وأن يراعىكذلك أن كل ترتيب للحقوق لايجوز أن يبلغ فى منتهاه إلى إهدار تلك الحقوق أو أن ينتقص منها، ولا أن يرهق محتواها بقيود لاتكفل فاعليتها، الشأن الذى يضحى معه ذلك المقال في حين تضمنه من قصر الاعتداد فى إثبات فسخ العلاقة الزوجية لدى الإنكار على الإشهاد والتوثيق، دون غيرهما من أساليب الإثبات المقررة، مخالفاً للمواد (2، 9، 12، 41) منالدستور.
فلهذه العوامل
قضت المحكمة بعدم دستورية مقال المادة (21) منقانون ترتيب بعض أحوال وتدابير التقاضي فى مسائل الظروف الشخصية الصادر بالقانون عدد 1لسنة ألفين في حين تضمنه من قصر الاعتداد فى إثبات فسخ العلاقة الزوجية لدى الإنكار على الإشهاد والتوثيق .
أمين السر رئيس المحكمة
” الأفعال”
بتاريخ عشرة شهر مايو سنة 2004 ، ورد إلىقلم كتاب المحكمة ملف الدعوى عدد 1299 لعام 2003 شرعى كلى شبين الكوم، بعدما حكمت محكمة شبين الكوم الإجمالية للأحوال الشخصية نفس، بوقفها وإحالة الأوراق إلى المحكمةالدستورية العليا للفصل فى دستورية مقال المادة (21) من تشريع تجهيز بعض أحوال وتدابير التقاضى فى مسائل الأوضاع الشخصية الصادر بالقانون عدد 1 لعام ألفين. وقدمتهيئة قضايا الجمهورية مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى. وبعد استعداد الدعوى، أودعتهيئة المفوضين تقريراً برأيها. ونظرت الدعوى على الوجه الموضح بمحضر الجلسة، وقررتالمحكمة إنتاج الحكم فيها بجلسة اليوم. ” المحكمة ” حتى الآن الاطلاع على الأوراق،والمداولة. حيث إن الأحداث – على مايبين من حكم الإسناد وسائر الأوراق – تتحصل فىأن المدعية كانت قد أقامت الدعوى عدد 1299 لعام 2003 شرعى كلى في مواجهة محكمة شبينالكوم الإجمالية للأحوال الشخصية نفس، بطلب الحكم بإثبات إنفصالها بالطلاق من المتهم طلاقاًبائناً بينونة كبرى المكمل للثلاث طلقات بداية من شهر أيار سنة 2003، قولاً منهابأنها تزوجت من المتهم بالعقد السليم بتاريخ 15/12/1971، ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج وأنجب منها ذكوراً وإناثاً، وأنه إعتاد على إنفصالها بالطلاق وإعادة النظر فيها من نفسهدون تقرير فسخ العلاقة الزوجية على الرغم وقوعه شرعاً، حتّى وقف على قدميه فى غضون شهر أيار سنة 2003 بطلاقهاالطلقة الثالثة، التى يوم غد بها إنفصالها بالطلاق منه بائناً بينونة كبرى، وقد اعترف بهذا أمامشهود عدول، وأفتت دار الإفتاء المصرية فى مواجهته بأن المدعية صارت محرمة عليهشرعاً لطلاقها المكمل لثلاث، بحيث لاتحل له لكن تنكح زوجاً غيره، دون أن تكون هنالك فتوى مكتوبة، ونتيجة لهذا انتقلت المدعية للإقامة مع ذويها، إلا أن المدعىعليه رفض تقرير فسخ العلاقة الزوجية، الأمر الذي حدا بها إلى معيشة دعواها المنوه عنها توصلاً للقضاءلها بطلباتها المتطورة. وخلال نظر الدعوى أصدرت قرار المحكمة ضم الدعوى عدد 1449 لعام 2003 شرعى كلى شبين الكوم – المقامة من المدعية مقابل المتهم للاعتراض على إنذارالطاعة الموجه منه لها- إلى تلك الدعوى للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 31/3/2004 حكمت المحكمة بإيقاف الدعوى عدد 1299 لعام 2003 شرعى كلى شبين الكوموإحالتها إلى كرسي القضاء الدستوري العليا للفصل فى دستورية مقال المادة (21) من القانونرقم 1 لعام ألفين لما تراءى لها من مخالفته للمادتين (2، 12) من القانون الأساسي، وفى الدعوىرقم 1449 لعام 2003 شرعى كلى شبين الكوم بإيقاف الاعتراض وقفاً تعليقياً لحين الفصل في مسألة الدعوى عدد 1299 لعام 2003 شرعى كلى شبين الكوم بإثبات طلاق المعترضة بحكمنهائى. وحيث إن المادة (21) من التشريع عدد 1 لعام ألفين المنوه عنه منصوص بها على أن “لايعتد فى إثبات فسخ العلاقة الزوجية لدى الإنكار سوى بالإشهاد والتوثيق، وعند دعوة الإشهاد عليه وتوثيقه يتعهد الموثق بتبصير الزوجين بمخاطر فسخ العلاقة الزوجية، ويدعوهما إلى اختيار حكم منأهله وحكم من أهلها للتوفيق بينهما، فإن أصر الزوجان سوياً على إيقاع فسخ العلاقة الزوجية لحظياً،أو قررا سوياً أن فسخ العلاقة الزوجية قد حدث، أو قرر القرين أنه أوقع فسخ العلاقة الزوجية، وجب تقرير فسخ العلاقة الزوجية حتى الآن الإشهاد عليه. وتطبق جميع القرارات الماضية فيما يتعلق دعوة القرينة تطليق ذاتها إذاكانت قد احتفظت لنفسها بالحق فى هذا فى وثيقة الزواج. ويجب على الموثق إثبات ماتممن ممارسات فى تاريخ سقوط كل منها على العبرة المعد لهذا، ولايعتد فى إثبات فسخ العلاقة الزوجية فى حق أى من الزوجين سوى لو كان حاضراً أفعال التوثيق بنفسه أو بمن ينوب عنه، أومن تاريخ إعلانه بمقتضى ورقة حكومية”. وحيث إن المسائل الدستورية التى تقضى محكمةالموضوع بإحالتها على الفور إلى كرسي القضاء الدستوري العليا عملاً بالبند (أ) من المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون عدد 48 لعام 1979، لازمها أن تبين المقالات القانونية التى تقدر مخالفتها للقانون الأساسي، ونصوص القانون الأساسي المدعى بمخالفتها، ونطاقالتعارض بينهما، وأن يكون قضاؤها ذلك دالاً على انعقاد إرادتها على عرض المسائلالدستورية التى ارتأتها على الفور على كرسي القضاء الدستوري العليا استنهاضاً لولايتها بالفصل فيها، وهو مايتعين على تلك المحكمة تحرية فى ضوء ماقصدت إليه محكمة الموضوعوضمنته قضاؤها بالإحالة، وصولاً لتحديد مدى المسائل الدستورية التى تدعى المحكمة للفصل فيها. وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون هنالك ارتباط بينها وبين المصلحة الفهرس فى الدعوى الموضوعية، وذلكبأن يكون الفصل فى المسائل الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المتعلقة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. وحيث إن الثابت من الاطلاع على الأوراق، أن نطاقالإحالة مثلما قصدت إليه محكمة الموضوع، وضمنته عوامل حكمها بالإحالة، إنما ينصب علىماتضمنه مقال المادة (21) المطعون فيه من قصر الاعتداد فى إثبات فسخ العلاقة الزوجية لدى الإنكارعلى الإشهاد والتوثيق دون غيره من أساليب الإثبات المقررة، وهو الشق من المقال الطعينالذى تتحقق المصلحة الشخصية المباشرة فيما يتعلق له، بحسبان أن عقار الكفاح الموضوعىهو إلتماس الحكم بإثبات فسخ العلاقة الزوجية لامتناع المتهم المطلق عن إثباته طبقاً للنص المنوه عنه، وأن القضاء فى نطاق دستورية ذلك المقال سوف يكون له أثره وانعكاسه على الطلبالموضوعى سالف الذكر، وقضاء محكمة الموضوع فيه، وبذلك فإن مدى الدعوى الراهنة والمصلحة فيها تكون لائحة فيما يتعلق للنص المشار إليه فى حواجز إطاره المتطور، ولاتمتد إلىغير هذا من القرارات التى وردت بنص المادة (21) المطعون فيه. وحيث إن حكم الإحالةينعى على ذلك المقال الطعين، معيناً نطاقاً على النحو المتطور، مخالفته لنص المادتين (2، 12) من القانون الأساسي، على سند من أن ذلك المقال بقصره إثبات فسخ العلاقة الزوجية لدى الإنكار علىالإشهاد والتوثيق، خلافاً للمنشأ المقرر شرعاً من جواز إثبات فسخ العلاقة الزوجية بكافة طرقالإثبات من بينة وإقرار ويمين، يترتب عليه نتائج يأباها الشرع ويتأذى لها الحس الأخلاقى ،وهذا إذا ما حدث فسخ العلاقة الزوجية بالتلفظ بألفاظه الدالة عليه صراحة أو ضمناً، على الرغم عدم إمكانإثباته بغير الدليل الذى حدده المقال الطعين، بما مؤداه اعتبار الرابطة الزوجية قائمةومستمرة قانوناً، على الرغم مايشوبها من تحريم مشروعية، وهو مايخالف أحكام القانون الأساسي. وحيث إن المقرر فى قضاء تلك المحكمة أن حكم المادة الثانية من القانون الأساسي – عقب تطويرها فى 22من أيار سنة 1980 – يدل حتّى القانون الأساسي أوردها ليفرض بمقتضاها – واعتباراً من تاريخ الشغل بذلك التحديث – قيداً على السلطة التشريعية يلزمها بينما تقره من النصوصالقانونية، بألا تناقض أحكامها مبادئ الشريعة الإسلامية فى أصولها الثابتة – مصدراًوتأويلاً – والتى يمتنع الاجتهاد فيها، ولايجوز الذهاب للخارج عليها، أو الاعوجاج بها عن معناها، ولاكذلك القرارات الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما سوياً، هذا أن دائرة الاجتهاد تنحصر فيها ولاتمتد لسواها، وهى بطبيعتها متقدمة تتغير بتغيرالزمان والمكان لضمان مرونتها وحيويتها. ولو كان الاجتهاد فى القرارات الظنيةوربطها بمصالح الناس من خلال الدلائل الشرعية – النقلية منها والعقلية – حقاً لأهل الاجتهاد، فأولى أن يكون ذلك الحق مقرراً لولى الشأن ينظر فى كل موضوع بشأنها بما يناسبها، وبمراعاة أن يكون الاجتهاد دوماً واقعاً فى محيط المصادر الإجمالية للشريعةلايجاوزها، ملتزماً ضوابطها الثابتة، متحرياً مناهج الاستدلال على القرارات العمليةوالقواعد الضابطة لفروعها، كافلاً صون الغايات الإجمالية للشريعة، بما تقوم عليه منحفاظ على الدين والنفس والذهن والعرض والمال، مستلهماً فى هذا كله حقيقة أن المصالحالمعتبرة هى هذه التى تكون مناسبة لمقاصد الشريعة ومتلاقية معها، وبالتالي كان حقاًعلى ولى الشأن لدى الخيار بين أمرين اهتمام أيسرهما مالم يكن إثماً، وقد كان واجباًأيضاً ألا يشرع حكماً يضيق على الناس أو يرهقهم فى أمرهم عسراً، وإلا كان مصادماً لقوله تعالى “مايريد الله ليجعل عليكم فى الدين من حرج”. وحيث إن فسخ العلاقة الزوجية وقد شرع رحمة من الله بعباده، وقد كان فسخ العلاقة الزوجية هو من فرق النكاح التى ينحل الزواج السليم بهابلفظ مخصوص صريحاً كان أم كناية، ولذلك حرص المشرع فى التشريع عدد 25 لعام 1929الخاص ببعض أحكام الظروف الشخصية وتعديلاته – استناداً لما أعلنت عنه المذكرةالإيضاحية للقانون عدد مائة لعام 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الظروف الشخصية – على عدم وضع قيد على جواز إثبات فسخ العلاقة الزوجية قضاء بكافة أساليب الإثبات المقررة، ولكن المشرع قد إنتهج فى المقال الطعين نهجاً مغايراً فى خصوص إثبات فسخ العلاقة الزوجية لدى الإنكار،فلم يعتد فى ذلك الميدان بغير سبيل واحد هو الإشهاد والتوثيق سوياً، بحيث لايجوز الإثبات بدليل آخر، مع تسليم المشرع فى ذات الزمان – مثلما أتى بالمذكرة الإيضاحيةللقانون عدد 1 لعام ألفين المنوه عنه – بحدوث فسخ العلاقة الزوجية ديانة، وذلك المقال وإن حدث فىدائرة الاجتهاد المباح شرعاً لولى الشأن، سوى أنه – فى حواجز نطاقه المطروح فى الدعوى الماثلة – يجعل المطلقة فى حرج دينى حاد، ويرهقها من أمرها عسراً، إذا ماوقع فسخ العلاقة الزوجية وعلمت به وأنكره المطلق، أو امتنع عن إثباته إضراراً بها، مع عدم استطاعتها إثبات فسخ العلاقة الزوجية بالطريق الذى أوجبه المقال المطعون فيه، وهو مايتصادم معضوابط الاجتهاد، والغايات الإجمالية للشريعة الإسلامية، فضلاً عما يترتب على هذا منتعرض المطلقة لأخطر القيود على حريتها الشخصية وأكثرها تهديداً ومساساً بحقها فى الحياة، التى تعتبر الحرية الشخصية أصلاً يهيمن عليها بجميع أقطارها، هذه الحرية التىحرص القانون الأساسي على المقال فى المادة (41) منه على أساس أنها من الحقوق الطبيعية التى لايجوزالإخلال بها أو تقييدها بالمخالفة لأحكامه، والتى يندرج تحتها بالضرورة هذه الحقوق التى لاتكتمل الحرية الشخصية فى غيبتها، ومن ضمنها حقى الزواج والطلاق وما يتفرععنهما، وكلاهما من الحقوق الشخصية التى لاتتجاهل القيم الدينية أو الخلقية أو تقوض روابطها، ولاتعمل بعيداً أو انعزالاً عن التقاليد التى تؤمن بها الجماعة، بل تعززهاوتزكيها بما يصون حدودها ويرعى مقوماتها، وبسبب هذا جعل القانون الأساسي فى المادة (9/1) منه قوام العائلة الدين والأخلاق، مثلما جعل إستظهار الأخلاق والقيم والتقاليد والحفاظ عليها والترسيخ لها، التزاماً دستورياً على عاتق الجمهورية بسلطاتها المتنوعة والمجتمعككل، ضمنه المادتين (9/2 ، 12) من القانون الأساسي، والذى يوم غد بجوار الحرية الشخصيةقيداً على السلطة التشريعية فلا يجوز لها أن تأتى عملاً يخل بهما، هذا أنه وإن كانالأصل فى سلطة المشرع فى مسألة تجهيز الحقوق أنها سلطة تقديرية، لكن المشرع يتعهد بما يسنه من قوانين بتبجيل الأُطر الدستورية لممارسته لاختصاصاته، وأن يراعىكذلك أن كل ترتيب للحقوق لايجوز أن يبلغ فى منتهاه إلى إهدار تلك الحقوق أو أن ينتقص منها، ولا أن يرهق محتواها بقيود لاتكفل فاعليتها، الشأن الذى يضحى معه ذلك المقال في حين تضمنه من قصر الاعتداد فى إثبات فسخ العلاقة الزوجية لدى الإنكار على الإشهاد والتوثيق، دون غيرهما من أساليب الإثبات المقررة، مخالفاً للمواد (2، 9، 12، 41) منالدستور.
فلهذه العوامل
قضت المحكمة بعدم دستورية مقال المادة (21) منقانون ترتيب بعض أحوال وتدابير التقاضي فى مسائل الظروف الشخصية الصادر بالقانون عدد 1لسنة ألفين في حين تضمنه من قصر الاعتداد فى إثبات فسخ العلاقة الزوجية لدى الإنكار على الإشهاد والتوثيق .
أمين السر رئيس المحكمة